مريم العطية: آثار نفسية حادة أصابت السكان المدنيين
رصدنا جميع انتهاكات العدوان الاسرائيلي على قطر
توصية بشأن تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة وتسريع إجراءات التحقيق والمساءلة بحق دولة الاحتلال
بو عياش: كل التضامن اللا مشروط ضد الهجوم المستفز الذي تعرضت له الدوحة
سمر الحاج: دولة قطر برزت كطرف دبلوماسي فاعل، وتبنت جهوداً حثيثة من أجل السلام
الجمّالي: إسرائيل ارتكبت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتداعيات خطيرة على الأمن والسلم الإقليمي والدولي
عاروري: الهجوم الإسرائيلي يمثل انتهاك إجرامي لسيادة قطر وأمنها واستقرارها واستهداف للدور القطري
جرجس: الاعتداء على دولة قطر جرس انذار للمجتمع الدولي بأسره. ورسالة بأن الشرعية الدولية ليست خياراً انتقائياً
الدوحة: ١٦ سبتمبر ٢٠٢٥م
أوصت الجمعية العامة الطارئة للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان – خلال اجتماعها، أمس، على أهمية دعم مخرجات القمة العربية – الاسلامية في الدوحة وتفعيل الضغط السياسي، والبناء على نتائجها، وتفعيل أدوات الضغط السياسي والدبلوماسي لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، ودعم إعلان القمة بشأن تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة وفق المادة 5 من الميثاق، و تسريع إجراءات التحقيق والمساءلة بحق الاحتلال الإسرائيلي، وتوسيع نطاق القضايا لتشمل العدوان على قطر، ودعم استقلالية القضاء الدولي، ومؤازرة القضاة والكوادر القانونية في مواجهة الضغوط السياسية والتنمر الدولي.
جاء الاجتماع بدعوة من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، تحت عنوان (العدوان الإسرائيلي على قطر..) لمناقشة تداعيات اعتداء الاحتلال الإسرائيلي الغادر على دولة قطر وأثره على حقوق الإنسان، لما يمثله من انتهاك صارخ لحق الأفراد في الحياة والسلامة الجسدية، ويقوّض الحق في الأمن والاستقرار داخل الدولة، ويهدد البيئة الآمنة التي تكفلها الدولة بموجب التزاماتها الوطنية والدولية.
وأكدت سعادة السيدة مريم بنت عبد الله العطية - رئيسة اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن الاجتماع الطارئ للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، ينمُ عن وعيٍ جماعي بالمسؤوليات الملقاة على عاتق المؤسسات الوطنية، ويجسد التزامها جميعاً بالعمل من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان، والتصدي للانتهاكات الجسيمة.
وقالت العطية: كما أعرِبُ باسم اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان عن أشد عبارات الإدانة للعدوان الإسرائيلي على دولة قطر، والذي استهدف منطقة مأهولة بالسكان والمدارس ورياض الأطفال والبعثات الدبلوماسية، وغيرها من المنشآت المدنية الأخرى، وأدى إلى وقوع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، في مقدمتها انتهاك الحق في الحياة لستة أشخاص من المدنيين، بمن فيهم أحد أفراد قوة الأمن الداخلي، الذي استشهد أثناء قيامه بواجبٍ مدني. وإلى جانب ذلك تعرض عدد من السكان المدنيين وعناصر من الشرطة وقوة الأمن الداخلي لجراحٍ وإصاباتٍ، وما يزال بعضهم في حالة حرجة. ندعو الله أن يتقبل الشهداء ويعجل بشفاء الجرحى والمصابين.
وأضافت: لقد رصدنا ووثقنا جميع الانتهاكات والمآسي الإنسانية الناجمة عن العدوان، ومن أشدها قساوة الآثار النفسية الحادة التي أصابت السكان المدنيين، خاصةً الأطفال والنساء والفتيات، وتفاقم الأوضاع الصحية لبعض الأشخاص ذوي الأمراض المزمنة مثل أمراض القلب وضغط الدم ومرضى السكر، وغيرها من الأمراض التي تتفاقم بسبب التعرض للخوف الشديد. وبالإضافة لذلك أدى العدوان إلى الحرمان المؤقت، لما يزيد عن ألف طالب وطالبة، من الحق في التعليم، بسبب تعرض بعض المدارس للأضرار نتيجةً للهجمات، فضلاً عن حالة الخوف والهلع التي أصابت الطلبة وذويهم.
وأشارت إلى أن الاجتماع يمثل خطوة هامة في مسيرة العمل المشترك من أجل إيقاف الانتهاكات المستمرة، التي ظلت ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي دونما رادع، في ظلٍ تواطؤ المجتمع الدولي، وعجز هيئات وآليات الأمم المتحدة عن اتخاذ تدابير جدية لوقف الانتهاكات، وإنهاء سياسة الإفلات من العقاب.
وتابعت: نحن على ثقةٍ تامة بأن تضامننا وعملنا المشترك من شأنه أن يحقق نجاحاً كبيراً في مجال رصد وتوثيق الانتهاكات والابلاغ عنها، من ناحية، وفي المناصرة والضغط على المجتمع الدولي وهيئات الأمم المتحدة من أجل القيام بدورها، من ناحية أخرى. وإذ ندرك أن الوضع الحالي ينذر بتقويض منظومة حقوق الإنسان الدولية، فإننا نتطلع للإسهام في تحقيق غدٍ آمنٍ مشرق لأجيالنا القادمة، وذلك من خلال مواصلة جهودنا من أجل تطوير آليات الحماية الدولية وتعزيز أدواتها للقيام بدورها في حماية حقوق الإنسان بفعالية تامة. وسوف لن يكون ذلك ممكناً بمعزل عن إنهاء سياسات ازدواجية المعايير والافلات من العقاب.
ودعت العطية إلى مواصلة الجهود الجماعية في الرصد والتوثيق، والضغط من أجل تشكيل لجان دولية للتحقيق في جميع الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي ارتكبتها اسرائيل، إلى جانب العمل على رفع دعاوى قضائية دولية، وتنفيذ حملات مناصرة بالتعاون مع شركائنا الإقليميين والدوليين لفضح الانتهاكات، والضغط من أجل اصلاح المنظومة الدولية.
من جانبها قالت سعادة السيدة أمينة أبو عياش رئيسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ورئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب: تعرضت الدوحة لهجوم مستفز وقاتل لعدد من الأبرياء، وكنا نتابع القتل في فلسطين وقد توسع اليوم ليصل إلى الدوحة، فكل التضامن اللا مشروط ضد هذا العدوان، ونستنكر في المجلس بشدة هذا الانتهاك والاستهداف السافر لدولة قطر وسيادتها وأمنها.
وأضافت: لا يفوتني كذلك أن أشيد بالجهود التي تبذلها الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين والهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان بالرغم من تحديات الحرب والعدوان الذي تشتغل في ظلها المؤسستين الصديقتين.
من ناحيتها قالت سعادة السيدة سمر الحاج رئيسة الشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان: الاجتماع يُعقد في ظرف تاريخي بالغ الخطورة، منذ العدوان الاسرائيلي المستمر، الذي بدأ يوم 7 أكتوبر 2023، وما تبعه من تصعيد دموي طال الشعب الفلسطيني أولاً ثم امتد إلى لبنان وسوريا واليمن ووصل مؤخراً إلى استهداف غير مسبوق لدولة قطر، فهذا العدوان لم يترك مجالاً للشك أنه انتهاك ممنهج لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني وضرباً صارخ لأسس السلم والأمن الدوليين.
وأضافت: منذ عامين ونحن نشهد جرائم ابادة جماعية وجرائم حرب ممنهجة واستهداف مباشر للمدنيين وقصف للمستشفيات والمدارس ومراكز الايواء، وتهجير قسري واسع وتدمير للبنية التحتية، كما شهدنا استهدافاً ممنهجاً للصحفيين وموظفي المؤسسات الإنسانية في محاولات لإسكات الحقيقة واعاقة العمل الإنساني، الأمر الذي أسفر عن سقوط مئات الضحايا من الاعلاميين والعاملين في المنظمات الدولية والإنسانية، بما يشكل انتهاك لاتفاقيات جنيف لعام 1949.
وأكدت أن المشهد المأساوي لا يقتصر على غزة وحدها إذ تشهد الضفة الغربية المحتلة تصعيداً غير مسبوق يتمثل في عمليات قتل واعتقال جماعي وهدم المنازل وتوسيع الاستطيان وفرض قيود قاسية على حركة المدنيين، ويأتي هذا كله في سياق خطط توسعية ممنهجة يسعى الاحتلال من خلالها إلى فرض واقع ديموغرافي وجغرافي جديد، حيث تكثيف الاستيطان وضم الاراضي وتهجير الشعب الفلسطيني وهو ما يشكل انتهاك صارخ للقانون الدولي وتحدياً مباشراً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة ومساس لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره واقامة دولته المستقلة.
وتابعت: وتمادى العدوان الاسرائيلي والغطرسة الاسرائيلية وفي سابقة خطيرة ليصل إلى دولة قطر، الذي لا يمكن توصيفه إلا كإرهاب دولة، فهذا العدوان الذي مس السيادة الوطنية لدولة مستقرة داعية للسلام يهدد الأمن الاقليمي والسلم الدولي.
وأشارت إلى أن دولة قطر برزت منذ بداية العدوان كطرف دبلوماسي فاعل، وتبنت جهوداً حثيثة من أجل السلام، من أجل رفض العدوان ووقف اطلاق النار وتخفيف معاناة المدنيين وبذلت جهود الوساطة بالتعاون مع مصر والولايات المتحدة، وفتحت قنوات للحوار والتفاوض مع جميع الأطراف بهدف تحقيق السلام ولإنهاء الحرب.
وبدوره قال سعادة السيد سلطان بن حسن الجمّالي الأمين العام للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان: في ظل العدوان الإسرائيلي الأخير على دولة قطر، وما خلّفه من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتداعيات خطيرة على الأمن والسلم الإقليمي والدولي، عقدت الجمعية العامة الطارئة للشبكة العربية لحقوق الإنسان اجتماعاً استثنائياً بمشاركة المؤسسات الوطنية والمدافعين عن حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، بهدف بلورة موقف جماعي وتقديم توصيات عملية للجهات المعنية على المستويين الإقليمي والدولي.
ونوه إلى أن العدوان الإسرائيلي على دولة قطر يُشكل انتهاكاً صارخاً لمبادئ السيادة وعدم استخدام القوة المنصوص عليها في المادة (2/4) من ميثاق الأمم المتحدة، كما ينتهك قواعد القانون الدولي الإنساني التي تحظر استهداف المدنيين والمنشآت غير العسكرية. وقد خلّف آثاراً نفسية واجتماعية على المواطنين والمقيمين، وهدد البيئة الآمنة التي تكفلها الدولة بموجب التزاماتها الوطنية والدولية.
ولفت إلى أن الاجتماع خرج بعدد من التوصيات الهامة، من أبرزها تعزيز التعاون بين المؤسسات الوطنية في قطر ولبنان وفلسطين لتوثيق انتهاكات الاحتلال، وإعداد تقارير مستقلة تُرفع للآليات الدولية، ودعوة المدافعين لتكثيف جهود فضح الانتهاكات، وتقديم الدعم القانوني للضحايا، وتنظيم مداخلات أمام مجلس حقوق الإنسان لتسليط الضوء على آثار العدوان، وتشكيل تحالفات إقليمية ودولية لتقديم ملفات موثقة للمحاكم، وعقد ندوات داخل الاتحاد الأوروبي، وتوسيع التعاون مع مؤسسات في أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا.
ونوه إلى أن الاجتماع أكد على أهمية دعم مخرجات قمة الدوحة وتفعيل الضغط السياسي، والبناء على نتائج القمة العربية–الإسلامية الطارئة في الدوحة، وتفعيل أدوات الضغط السياسي والدبلوماسي لوقف الانتهاكات الإسرائيلية، ودعم إعلان القمة بشأن تعليق عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة وفق المادة 5 من الميثاق، وتكليف المؤسسات الوطنية بتسويق هذا التوجه دوليًا، ودعوة الدول العربية والإسلامية والأطراف في اتفاقيات حقوق الإنسان إلى الوفاء بالتزاماتها القانونية ومساءلة إسرائيل عن جرائمها.
وأكد أن الاجتماع أوصى بمطالبة المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية بتسريع إجراءات التحقيق والمساءلة بحق الاحتلال الإسرائيلي، وتوسيع نطاق القضايا لتشمل العدوان على قطر، ودعم استقلالية القضاء الدولي، ومؤازرة القضاة والكوادر القانونية في مواجهة الضغوط السياسية والتنمر الدولي.
وفي السياق أوضح السيد سعادة السيد عصام عاروري – رئيس الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان في فلسطين أن الهجوم على قطر يمثل انتهاك إجرامي لسيادة قطر وأمنها واستقرارها هو استهداف للدور القطري ومحاولة الاحتلال الهروب من مآزقه بالسير في مسارب اجرامية جديدة، وأنه دليل اضافي على ما يمكن أن يصل إليه الافلات من العقاب من ابعاد، وتهديد للسلم الاقليمي والدولي، خاصةً وأن العدوان يطال العديد من الدول من قطر إلى لبنان إلى سوريا واليمن والمياه الاقليمية لتونس وايران، نتيجة الافلات من العقاب.
وقال عاروري: تحولت العصابة الحاكمة في تل ابيب إلى وحش فالت تتحدى القانون الدولي والأمم المتحدة وتتهم العالم بالإرهاب واللاسامية، وتمارس القتل وتدمير المستشفيات ومراكز الايواء ومقدمي الخدمات الإنسانية والصحفيين وفرق الدفاع المدني والمساجد والكنائس والجامعات والمدارس، وها هي تنتقل إلى القصف والتدمير العابر لحدود وسيادة الدول وترتكب كل جريمة موصوفة في القانون الدولي وتنتهك كل بند من بنود اتفاقية روما بشأن جرائم الحرب.
فيما أكد سعادة الدكتور فادي جرجس رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان في لبنان، أن الاجتماع يأتي في وقت يشهد اعتداءً صارخاً من قبل الكيان الإسرائيلي على دولة قطر، في انتهاك واضح وصريح لمبادئ القانون الدولي ولقيم العدالة وحقوق الإنسان الأساسية التي أقرها المجتمع الدولي منذ أكثر من سبعة عقود.
وقال د. جرجس: إن اجتماعنا ليس مجرد محطة لتبادل الكلمات أو المواقف، بل هو نداء صريح إلى الضمير الإنساني، ورسالة واضحة بأن حقوق الشعوب والدول ليست مباحة للاعتداء، وأن الشرعية الدولية ليست خياراً انتقائياً، بل التزام واجب على الجميع كبيراً أم صغيراً، وقد أكد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948 على أن الحق في الحياة والحرية والأمن حقوق أصيلة لا يجوز المساس بها، كما نص ميثاق الأمم المتحدة على مبدأ سيادة الدول ومنع استخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية.
وأضاف: الاعتداء على دولة قطر ليس فقط خرقاً لهذه المبادئ بل تهديد مباشر للسلم والأمن الدوليين وجرس انذار للمجتمع الدولي بأسره.