في حلقة بالتعاون مع منظمة الهجرة الدولية وبمشاركة وزارتي الداخلية والعمل .. "اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان" تناقش تعزيز الوصول إلى العدالة لعمالة المنازل
د. محمد سيف الكواري: حماية حقوق العمالة المنزلية مكفولة في الدستور الدائم للدولة
رلى حاماتي: تقدم قطري ملحوظ على صعيد التشريعات الهادفة الى حماية حقوق عمال المنازل
د. ناصر المري: مزيد من الصلاحيات والأدوار تمارسها "اللجنة الوطنية" لتعزيز وحماية حقوق الإنسان
الدوحة – 16 يونيو 2025
نظمت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والمنظمة الدولية للهجرة أمس بفندق وستن الدوحة، حلقة نقاشية رفيعة المستوى، واجتماع مائدة مستديرة، إحياءً لليوم الدولي لعمال المنازل، تحت عنوان "تعزيز الوصول إلى العدالة لعمال المنازل: الارتقاء بالدعم القانوني وتعزيز آليات المساءلة"، بمشاركة من وزاراتي العمل والداخلية وعدد من الخبراء.
من جانبه أوضح الدكتور محمد بن سيف الكواري - نائب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان – أن الاحتفاء بالأيام العالمية والإقليمية والوطنية لحقوق الإنسان بمثابة فرصة ثمينة للوقوف على التقدم المحرز في معالجة شواغل حقوق الإنسان واذكاء الوعي بها.
وقال د. الكواري: نغتنم اليوم العالمي للعمالة المنزلية من أجل مواصلة جهودنا في مجال التثقيف والتوعية والمناصرة مع شركائنا وأصحاب المصلحة، سيما وأن هناك نحو (168626) انسانا يقومون بالعمل المنزلي في قطر، وفقا لتقرير مسح القوى العاملة لعام 2022 الصادر عن جهاز التخطيط والاحصاء عام 2023، وهؤلاء يمثلون ما نسبته (8.39%) من مجموع العمالة غير القطرية، الأمر الذي جعل هذا العمل جزءا من حقائق حياتنا الاقتصادية والاجتماعية في دولة قطر.
وأضاف: هذه العمالة غادرت مجتمعاتها بحثا عن فرص الرزق التي تكفل لهم العيش الكريم، والتنمية المستدامة لمجتمعاتهم أيضا، وحماية حقوق العمالة المنزلية من منظورنا، هي حماية لحقوق الإنسان المكفولة في الدستور الدائم لدولة قطر، وهو الذي نص على أن المجتمع القطري "يقوم على دعامات العدل، والإحسان، والحرية، والمساواة، ومكارم الأخلاق"، وهذه هي المقومات الأساسية التي تعكس رؤية المجتمع القطري للعمالة المنزلية بصفتها جزءا لا يتجزأ من الأسرة القطرية القائمة على قيّم العطاء والاحترام والخير لجميع أفرادها.
وأكد على أن رعاية حقوق العمالة المنزلية أولوية اجتماعية وثقافية بناء على القاعدة الشرعية التي جاءت في قول الله تعالى "هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ"، مشيراً إلى أن الدستور القطري أكّد على مبدأ المساواة وسيادة القانون والكرامة الإنسانية والحريات الشخصية والسلامة البدنية.
وأضاف: قطعنا في قطر شوطاً مهماً في تعزيز وحماية حقوق العمالة المنزلية خلال السنوات الماضية، وهو ما عكسته الإصلاحات القانونية التي توجت بإقرار القانون رقم (15) لسنة 2017 بشأن المستخدمين في المنازل.
وشدد على أن توعية وتثقيف العمال المنزليين بالتشريعات القطرية بما تتضمنه من حقوق وآليات إنصاف ومساعدة قانونية قبل مغادرة دولهم، هي بمثابة مسؤولية تقع على عاتق دولهم في المقام الأول، مثمناً المبادرة القطرية بإنشاء (14) مركزا لمنح التأشيرات في الدول المصدرة للعمالة من اجل ضمان عدم استغلال العمال، مع أهمية التوسع بها إلى دول أخرى، إضافة إلى أهمية مد العمالة المنزلية بعد الوصول إلى قطر بالمعلومات الخاصة بالثقافة المجتمعية والقانونية.
وأشار إلى الدور المهم للجنة الوطنية لحقوق الإنسان في حماية حقوق العمالة المنزلية المتجسدة في المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وتحليل الممارسات الوطنية الجيدة وتوسيع نطاقها، فضلا عن الدعوة إلى اقتباس الممارسات الدولية الفضلى.
من جانبها أكدت السيدة رلى حاماتي – القائم بالأعمال، بعثة المنظمة الدولية للهجرة في دولة قطر على أهمية الحلقة النقاشية، والتي تعد الفعالية الاولى من نوعها مشتركة ما بين اللجنة الوطنية لحقوق الانسان والمنظمة الدولية للهجرة.
وأشارت إلى أن العمال المنزليون يشكلون جزءًا حيويًا من النسيج المجتمعي ومن سوق العمل، وان هؤلاء العمال ليسوا فقط داعمين رئيسيين للأسر، بل هم أيضًا ركيزة أساسية في الاقتصاد الرعائي، بما يسهم في تمكين شرائح واسعة من المجتمع خاصة النساء منهم من المشاركة الاقتصادية والاجتماعية.
وقالت حاماتي: احرزت دولة قطر تقدما ملحوظا على صعيد التشريعات الهادفة الى حماية حقوق المهاجرين عامة وعمال المنازل منهم أيضا، فقد اقرت دولة قطر قانون رقم (15) لسنة 2017 بشأن المستخدمين في المنازل، ما يشير إلى خصوصية هذا القطاع واهمية تنظيم شروط العمل فيه، وقد شكلت اصلاحات سياسات العمل التي وضعتها الدولة منذ عام 2020 بدءا من ضمان حرية التنقل في سوق العمل وتغير جهة العمل، والحد ادنى للأجور نقلة نوعية في ظروف العمل، والظروف المعيشية لمئات الآلاف من العمال ومنهم عمال المنازل ايضا.
وأضافت: على الرغم من التقدّم المُحرز على صعيد الإصلاحات، لا تزال هناك تحديات حقيقية تحول دون تمتع هذه الفئة من العمال بكامل حقوقها. ومن بين هذه التحديات: حواجز اللغة، والصعوبات الاقتصادية، والخوف من اللجوء إلى القضاء، إضافة إلى تعقيد الإجراءات القانونية وصعوبة فهمها.
شهدت الحلقة النقاشية ثلاثة جلسات مصاحبة، حيث تطرقت الجلسة الأولى إلى المسارات القانونية والأطر المؤسسية، شارك بها الدكتور ناصر مرزوق سلطان المري، مدير ادارة الشؤون القانونية، باللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، والذي قدم عرضاً تقديمياً من اللجنة، والنقيب محمد ناصر الجبر، من ادارة البحث والمتابعة بوزارة الداخلية، وتضمنت كلمته عرض تقديمي حول آلية الحماية والإنصاف للعاملين المنزليين في أوضاع هشة، والدكتورة لينا مولر من كلية الحقوق بجامعة قطر التي تطرقت إلى التحديات والفرص بتنفيذ قانون العاملين في المنازل لعام 2017 وأفضل الممارسات الدولية، إضافة كلمة للسيدة مارغرت كابوي، رئيسة جمعية العاملات المنزليات الكينيات.
أما الجلسة الثانية الجلسة الثانية، فتناولت تعزيز آليات المساءلة: تحسين إنفاذ القانون والتنسيق الاستراتيجي للمساعدة القانونية وتحديد التوصيات السياسية والبرامجية لتعزيز العدالة، وشارك بها عدد من المسؤولين والخبراء، في حين تطرقت الجلسة الختامية إلى ملخص النقاط الرئيسية بالحلقة النقاشية وجمع نتائجها، مع إعادة التأكيد على التزامات أصحاب المصلحة، وتحديد الخطوات التالية والملاحظات الختامية من قِبل المنظمة الدولية للهجرة واللجنة الوطنية لحقوق الانسان.
وفي عرضه التقديمي، استعرض الدكتور ناصر سلطان المري دور اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في تعزيز الوصول إلى العدالة وحماية حقوق الإنسان، مع تقديم مجموعة من التوصيات لتعزيز هذه الجهود للوصول إلى آفاق الاستدامة، مشيراً إلى أن دولة قطر أولت اهتماما بالغاَ بحقوق العمال عبر مجموعة من الإصلاحات التشريعية، ومنحت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مزيد من الصلاحيات والأدوار التي تمارسها في تعزيز وحماية حقوق الإنسان بقدر من الشفافية والاستقلالية من خلال عملية رصد أوضاع حقوق الإنسان وتقديم توصيات بشأن تقويمها.
وأكد على دور اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان للوصول إلى العدالة، وذلك وفقاً لخطتها الاستراتيجية 2024-2030، ولاختصاصاتها التي حددتها مبادئ باريس لعام 1993، وأن من أبرز أدوار اللجنة الانتصاف لحقوق الجمهور من الملتمسين، حيث تختص (اللجنة) بتلقي الشكاوى والتماسات المواطنين والمقيمين التي تتضمن انتهاكات وتجاوزات محتمله لحقوق الإنسان، وأن إحصائية عام 2024م لعدد الشكاوى قد بلغت 1853 التماساً، وبضمنها ما يتعلق بالالتماسات الخاصة بالعمال والعمالة المنزلية، حيث عملت اللجنة على بحثها والتحقق منها والتنسيق مع الجهات المعنية بشأن معالجتها.
ونوه إلى أن هناك خدمات مساندة ودعم في سياق ممارسة اللجنة لهذا الاختصاص تتمثل في تلقي البلاغات والنداءات المستعجلة عبر الخطوط الساخنة للجنة بخمس لغات وهي (العربية، والانجليزية، والأوردو والتي تغطي بدورها اللغات الهندية، والنيبالية، والسريلانكية إلى جانب اللغتين الفلبينية والسواحلية)، بشأن انتهاكات في مواقع عمل أو شركات، وانتداب موظفي الرصد للوقوف على الأوضاع للتحقق من صحتها واستطلاع ما يحيطها من أسباب وملابسات، وتقديم تقارير مفصلة عنها مشفوعة بما يلائم من توصيات إلى الجهات المعنية لمعالجتها.
وأكد على دور اللجنة في تقديم الاستشارة القانونية والترافع مجاناً بشأن بعض الحالات للفئات الأولى بالرعاية، والضعيفة ومنهم العمال أمام المحاكم المختصة، من قبل مكاتب محاماة متعاونة مع (اللجنة)، وتقديم الدعم المادي لبعض الحالات من المشتكين والملتمسين من ذوي الدخل المحدود ومن ضمنهم العمال والفئات الأولى بالرعاية بالتنسيق مع الجمعيات الخيرية، كما تولت اللجنة تطوير آليات وصول الملتمسين من خلال افتتاح مكاتب للجاليات في مقرها، وذلك بهدف مساعدة أصحاب الشأن من مواطنيها على تقديم شكاواهم.
بدوره قال النقيب محمد ناصر الجبر: ان العلاقة التي تربط مستخدمي المنازل ومن في حكمهم بمستقدمها تتسم بطبيعة خاصة، فهي ذات طابع إنساني واجتماعي نتيجة لاتصالها بالحياة اليومية لكلا الطرفين، فضلا عن ذلك فان هذه الفئة تعد مستضعفة ومن هذا المنطلق فان دولة قطر استصدرت أدوات وقوانين تشريعية لضبط هذه العلاقة وتنظيمها لحماية هذه الفئة والوصول الى انصافها من خلال توفير الحماية والدعم القانوني.
وأشار إلى استصدار عدة قوانين واجراءات متعددة تضمن حقوق هذه الفئة بموجب عقود موثقة، وفرض إجراءات وتدابير تحول دون استغلالها او الاضرار بها وتعزز مركزها القانوني، ومن بينها قانون مستخدمي المنازل الصادر بالقانون رقم 15 لسنة 2017، والقانون رقم 21 لسنة 2015 بتنظيم دخول وخروج الوافدين، وقانون رقم 15 لسنة 2011 بشأن مكافحة الاتجار بالبشر.
وأضاف الجبر: ان وزارة الداخلية ممثلة بإدارة البحث والمتابعة تعمل على تنفيذ احكام القانون رقم 21 لسنة 2015 بتنظيم دخول وخروج الوافدين، بما يضمن استمرارية توفير الدعم القانوني والحماية للعمالة الوافدة بصفة عامة والعمالة المنزلية بصفة خاصة.
ونوه إلى ما أقرته التشريعات الصادرة بهذا الشأن من إلزام المستقدم القيام بإجراءات ترخيص الإقامة وتجديدها خلال مدة لا تجاوز تسعين يوما ولا يعفى من هذا الالتزام الا في حال تعذر عليه القيام بذلك بموجب المادة 8 من القانون رقم 21 لسنة 2015 بتنظيم دخول وخروج الوافدين فقرة (2)، ولا يتم استصدار رخصة الإقامة الا بوجود عقد استخدام موثق ومصدق من قبل الجهات المختصة.
وأشار إلى أن التشريعات تمنع حجز الجواز والوثائق الشخصية بموجب المادة "8" من القانون رقم 21 لسنة 2015 بتنظيم دخول وخروج الوافدين فقرة (3)، إضافة إلى دفع تكاليف ونفقات عودة العامل الى بلده تذاكر السفر بموجب المادة 19 من القانون نفسه، ولا يعفى المستقدم من التزامه الا في حال كون العامل مازال ضمن فترة الضمان على مكتب الاستقدام حيث يتم الرجوع عليه بذلك.
ولفت إلى أن التشريعات نظمت إجراءات بلاغات ترك العمل وعدم السماح للمستقدم بإساءة استخدام صلاحياته، وتسهيل تامين مغادرة العامل في حال قام بتسليم نفسه وطلب المغادرة الطوعية.
وتابع: من الأوجه الأخرى للحيلولة دون استغلال العمالة المنزلية، حظر تداول السمات او التنازل عنها باي وجه من الوجوه خارج أطار القانون ومنع للاتجار بها، وحظر العمل لدى غير المستقدم أو الجهة الغير مرخص له به، وذلك بموجب المادة 16 من القانون رقم 21 لسنة 2015 بتنظيم دخول وخروج الوافدين فقرة (1)
وأشار إلى أن جميع الجهات المختصة بالدولة تتقاسم أدوارها بتنفيذ القوانين التي تحمي هذه الفئة، فضلا عن العمل بصورة مستمرة لإيجاد الحلول تحول دون المساس بحقوقها، مع المحافظة على توعيتها بالالتزام بقوانين الدولة وواجباتها المقررة بموجب عقد الاستقدام.
الصور