قادة دول العالم يعربون عن قلقهم البالغ إزاء مساعي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية باستصدار قرار بإيقاف الرئيس السوداني عمر البشير
الخرطوم – عواصم – وكالات: أصبح الرئيس السوداني عمر البشير أول رئيس عربي مهدد بملاحقة المحكمة الجنائية الدولية له، وهو مازال في السلطة. واتهم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو اوكامبو أمس البشير بأنه الرأس المدبر لحملة إبادة تسعى إلى القضاء على ثلاث جماعات أثنية في السودان. كما وجه الادعاء الاتهام للبشير بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب منها القتل والإبادة والنقل الإجباري لما يصل إلى 9ر2 مليون مدني والتعذيب والاغتصاب. وسيستغرق الأمر من المحكمة الجنائية الدولية عدة أسابيع حتى تدرس الدليل الجديد وتقرر ما إذا كانت ستصدر أي مذكرات اعتقال.
ورفض السودان اتهام المحكمة الجنائية. وقال نائب الرئيس السوداني علي عثمان طه في مؤتمر صحفي في الخرطوم: "لم توافق السودان على الانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، لذلك فإنها ليست لديها سلطة على السودان ومؤسساته". وثارت مخاوف من أن مذكرة الاعتقال قد تؤدي إلى تعرض قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في دارفور إلى هجمات أو أن يتعرض الدبلوماسيون الغربيون للطرد، لكن وزير الإعلام السوداني الزهاوي مالك قال إن السودان سيضمن أمن الأجانب.
ونصحت السفارات الغربية مواطنيها بالحد من الزيارات غير الضرورية إلى السودان ورفعت الأمم المتحدة من مستوى إجراءاتها الأمنية خشية أن تؤدي توصية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى انتقام عنيف وقررت سحب موظفيها من البلاد.
وفى واشنطن طلب البيت الأبيض من الجميع الهدوء في ما يتعلق بقرار الادعاء. وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية الاثنين أنها اتخذت "الإجراءات المناسبة" لحماية الموظفين الأمريكيين في السودان، وأقرت أن الجهود الدولية لتوقيف رئيس البلاد عمر البشير قد تولد رد فعل عنيفا.
ومن جانبه حذر الاتحاد الإفريقي من أن الإجراءات القضائية ضد البشير يمكن أن تضر بجهود السلام في دارفور. وطلبت الحكومة السودانية عقد اجتماع وزاري للاتحاد الإفريقي في أسرع وقت ممكن. كما أعلنت الجامعة العربية أن وزراء الخارجية العرب سيعقدون اجتماعا طارئا السبت المقبل في القاهرة لبحث "مستجدات العلاقة بين السودان والمحكمة الجنائية الدولية".
السودان: قرار المحكمة الجنائية يضر بالسلام في دارفور
اعتبرت الحكومة السودانية الاثنين أن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يضر بالسلام في هذا الإقليم ولكنها أكدت استمرار تعاونها مع الأمم المتحدة. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية السودانية علي الصديق إن طلب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية "تجاهل تماما الجهود التي تقوم بها الحكومة والقوى الإقليمية والمجتمع الدولي" لإحلال السلام في دارفور الذي يشهد حربا أهلية منذ أكثر من خمس سنوات. ولا يعترف السودان بولاية المحكمة الجنائية الدولية ويرفض تسليمها سودانيين آخرين صدرت بحقهما مذكرتا توقيف لاتهامها بارتكاب جرائم حرب في دارفور هما احمد هارون وزير الدولة للشؤون الإنسانية وعلي كشيب قائد ميليشيا الجنجويد العربية المتحالفة مع الحكومة السودانية والتي تتهمها منظمات حقوق إنسان دولية بارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين في دارفور.
مستشار الرئيس السوداني: أجهزة الأمم المتحدة مخالب قط للدول العظمى
انتقد مستشار الرئيس السوداني عبد الله مسار بشدة مطالبة هيئة الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس عمر البشير واصفا المحكمة بأنها "مسيسة وغير محايدة". وقال مسار في تصريحات خاصة لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) في القاهرة إن المحكمة الجنائية "تعمل بسياسة الكيل بمكيالين", مشيراً إلى أن السودان دولة غير موقعة على ميثاق المحكمة مثلها في ذلك مثل دول أخرى لم توقع وبالتالي فإنها مستثناه من إجراءات هذه المحكمة. واعتبر مستشار الرئيس السوداني أن تقرير مورينو أوكامبو لا يعدو كونه "إشارة للحركات المِسلحة في دارفور بألا تجلس للتفاوض مع الحكومة لحل أزمة دارفور سلمياً الأمر الذي يزيد من تعقيد الأزمة ويِضر بأمن أفريقيا وسلامتها". وقال إن المحكمة "أثبتت أنها سياسية أكثر من كونها عدلية وهذا ماكان يتحدث عنه السودان" واعتبر أن أجهزة ومؤسسات الأمم المتحدة صارت "مخالب قط للدول العظمى تمرر بها أجندتها السياسية ..

مقاضاة البشير
أبدى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون معارضته للملاحقة القضائية المرتقبة للرئيس السوداني عمر حسن البشير مطالبا في الوقت نفسه بسرعة نشر قوات حفظ السلام المشتركة التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في الإقليم. وقال بان كي مون في تصريحات لصحيفة "لو فيجارو" الفرنسية إن اتخاذ أي إجراء ضد البشير قد يكون له "عواقب سلبية وخيمة على عملية حفظ السلام في المنطقة.. وعلى العملية السياسية أيضا".
العطية: القرار يعرقل الجهود لحل أزمة دارفور
انتقد الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي عبد الرحمن العطية أمس الاتهامات التي وجهها مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية للرئيس السوداني عمر حسن البشير. وقال العطية في تصريح لوكالة فرانس برس "أن صدور مثل هذا القرار لا يخدم الجهود المبذولة لحل أزمة دارفور وإحلال الاستقرار في جميع ربوع السودان". وأضاف أن القرار "يعتبر تدخلا في الشؤون الداخلية للدول" مشددا على أن "الرئيس السوداني يمثل الشرعية الرسمية المنتخبة في السودان". وأعرب عن الأمل في "ألا يصدر أي قرار من المحكمة يتبنى اتهامات المدعي العام".
وزراء الخارجية العرب يعقدون اجتماعا طارئا السبت
يعقد وزراء الخارجية العرب اجتماعا طارئا يوم السبت لمناقشة اتهامات الإبادة الجماعية الموجهة للرئيس السوداني عمر البشير من الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية. وقال السفير سمير حسني رئيس إدارة التعاون العربي الإفريقي في الجامعة لرويتر "الاجتماع سيعقد يوم السبت." وأعلن هشام يوسف مدير مكتب الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى للصحفيين انه "تم الاتفاق على عقد الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب بناء على طلب السودان وهو الطلب الذي أيدته عدة دول عربية هي سوريا ومصر والسعودية وليبيا وفلسطين". وكانت الأمانة العامة للجامعة العربية دعت إلى اجتماع على مستوى المندوبين الأربعاء المقبل لبحث قضية السودان ولكن تقرر إلغاؤه بعد الاتفاق على الاجتماع الوزاري.
البيت الأبيض يدعو الجميع إلى الهدوء
أعلن البيت الأبيض أمس أن الولايات المتحدة ستدرس طلب إصدار مذكرة توقيف بحق الرئيس السوداني عمر البشير، داعيا كافة الأطراف إلى الهدوء. كما دعا الحكومة السودانية إلى وضع حد لأعمال العنف وفسح المجال أمام الأمم المتحدة لتقوم بعملها. وصرح الناطق باسم البيت الأبيض غوردن جوندرو "سنتابع الوضع في لاهاي وندرس ما طلبه المدعي". وذكر جوندرو بان الولايات المتحدة ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية. وأضاف "ندعو الآن كافة الأطراف إلى التزام الهدوء". وتواكب الدعوة إلى الهدوء القلق الذي أعرب عنه أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون عندما عبر عن خشيته من العواقب التي قد تترتب عن طلب مذكرة التوقيف بالنسبة للقوات المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي (مينواد) المكلفة بحفظ السلام في دارفور.
استنكار حزبي و شعبي بالسودان لقرار المحكمة الجنائية
استنكرت الأحزاب والهيئات الأهلية بالسودان قرار مدعى المحكمة الجنائية الدولية لويس أوكامبو توجيه اتهامات جنائية ضد كبار المسئولين بالدولة وعلى رأسهم الرئيس عمر البشير . وقال عثمان محمد الشريف من قيادات المؤتمر الوطني إن الرئيس عمر البشير يمثل رمز سيادة الدولة, وأي مساس لشخصه يعتبر إهانةة لنا جميعا ولكل الشعب السوداني، مؤكدا استعداد حزبه لمواجهة ذلك الإدعاء الباطل بكل السبل المتاحة. وأكد الشريف, فى تصريح لمراسل وكالة أنباء الشرق الأوسط بالسودان, رفض الحزب وجماهير الشعب السوداني لأي محاولات لاستغلال مشكلة السودان بطريقة تؤدى إلى إذلال الوطن وشعبه وتقويض استقلاله وسيادته، مشددا على ضرورة تشجيع التسوية السياسية بدلا من اللجوء للإجراءات التي يقدم عليها أكامبو.
"المؤتمر الإسلامي" يرفض ملاحقة القادة السودانيين
أعربت منظمة المؤتمر الإسلامي عن رفضها لملاحقة المحكمة الجنائية الدولية للقادة السودانيين بمن فيهم الرئيس عمر البشير بتهمة ارتكاب جرائم في إقليم دارفور. وحذر أكمل الدين إحسان أوغلو الأمين العام للمنظمة التي تتخذ من مدينة جدة السعودية مقراً لها في بيان أمس "من التداعيات الخطيرة التي يمكن أن يؤدي إليها مثل هذا التحرك الذي يأتي في توقيت بالغ الحساسية من شأنه أن يهدد السلام الهش في دارفور".
وصف محمد جاسم الصقر رئيس البرلمان العربي ما تردد عن صدور مذكرة توقيف من ممثل الادعاء في المحكمة الجنائية الدولية بحق الرئيس السوداني عمر البشير، بأنه أمر يدعو إلى "الدهشة والأسف". وقال الصقر "هذا الأمر يثير قلق الأمة العربية من أن تتحول المحاكمات أمام هذه المحكمة التي أنشئت لضمان الاحترام الدائم لتحقيق العدالة الدولية، وفقا لنظامها الأساسي المعتمد في روما عام 1998، إلى محاكمات لإرهاب الدول الصغيرة وفرض هيمنة الدول الكبرى عليها". ".